في عام 1956، صدر فيلم "الوصايا العشر" للمخرج سيسيل بي ميل، من بطولة شارلتون هيستون ويول برينر، وقد تواجد ثلاثتهم مع آخرين من فريق العمل لتصوير مشاهده في مصر عام 1955
في عام 1956، صدر فيلم "الوصايا العشر" للمخرج سيسيل بي ميل، من بطولة شارلتون هيستون ويول برينر، وقد تواجد ثلاثتهم مع آخرين من فريق العمل لتصوير مشاهده في مصر عام 1955، بعد منح تسهيلات كثيرة لتصويره اعتمادًا على سمعة المخرج وضخامة الإنتاج، وعلى الرغم من أن الكثير من مشاهد الفيلم تم تصويرها في أستوديوهات هوليوود، والقليل منها في مصر، فإنها كانت في ذلك الوقت خطوة كبيرة.
منذ تلك النقطة في منتصف خمسينيات القرن الماضي، وصولًا إلى الألفية الجديدة وتحديدًا عام 2014، ظهر فيلم آخر بعنوان "الخروج: آلهة وملوك"، الذي يتناول الموضوع نفسه، وهو صراع النبي موسى مع الفرعون حسب الرواية الدينية. لكن هذا الفيلم لم يُصوَّر في مصر، واعتمدت رؤيته البصرية على الآثار المصرية. ومع اختلاف الرؤية والتوجه بين الفيلمين، حصل الأول على تسهيلات للتصوير ودعم حكومي رسمي، بينما مُنع الثاني من العرض في مصر بسبب مغالطاته وتشويهه للتاريخ ومحاولة استغلال الرواية الدينية لتمرير دعايات صهيونية.
الفارق بين الموقفين يرسم إلى حدٍّ كبير تأثير القوة الناعمة، حتى قبل أن يظهر هذا المصطلح للنور. وعلى الرغم من أن البعض قد يرى أنه قد تم ابتذال هذا المصطلح بسبب كثرة استخدامه، فإنه في الحقيقة مؤشر على مدى التأثير الذي تحدثه الفنون وعلاقتها بمجالات أخرى مثل التنشيط السياحي، والترويج للثقافات، والدخل القومي.
في الحقيقة، هناك أفلام أُنتجت في مصر قبل "الوصايا العشر" وبعد "الخروج: آلهة وملوك"، لكن عددها لا يقارن بما تم إنجازه في وقت قياسي تحت مظلة جديدة، وهي "لجنة مصر للأفلام" التابعة لمدينة الإنتاج الإعلامي والمسؤولة عن تسهيل تصوير الأفلام الأجنبية في مصر.يرتبط التواجد في خريطة تصوير الأفلام العالمية بعدد من الجوانب، لكن بشكل رئيسي، تعد التسهيلات الممنوحة للجهات الراغبة في التصوير بدولة ما هي الفيصل الأهم. وغالبًا ما جرى استبدال مصر بدول من الجوار أو بالديكور والخدع البصرية. وأحيانًا كثيرة، توجهت مشاريع سينمائية أمريكية كبرى للتصوير في دول أخرى، مثل المملكة المتحدة، مستفيدة من بنيتها التحتية الفنية من صُنّاع ومعدات وممثلين.
وعلى الرغم من أن هذه التسهيلات قد تتعارض مع منطق الاستثمار والكسب المادي، فإنها توفر للدولة المانحة فوائد معنوية كبيرة. لا يمكن أن ننكر حجم الشهرة التي حظي بها برج خليفة، والتي انعكست على إمارة دبي، بعد المشهد الشهير من فيلم "مهمة مستحيلة: بروتوكول الشبح"، حيث ظهر بطله توم كروز وهو ينفذ مشهدًا خطيرًا على الواجهة الخارجية للبرج.
المردود السياحي بالتأكيد يعوض التسهيلات المادية. كما أن التسهيلات الإدارية تسهم في تحول الدولة المانحة إلى وجهة أساسية للتصوير، وزيادة عدد الأفلام المصورة فيها. بعض هذه الأفلام قد تنقل الدولة التي صُوِّرت مشاهدها فيها إلى العالمية، خاصة إذا دخلت الأفلام منافسات في المهرجانات والمسابقات الدولية. حدث هذا مع فيلم "المريخي"، الذي صُوِّرت بعض مشاهده في صحراء وادي رم بالأردن، وترشح لنيل 7 جوائز أوسكار، مما ساهم في شهرة مواقع التصوير.التعامل مع تصوير الأفلام الأجنبية في مصر من منطلق كونه استثمارًا ذا بعد قومي سيعود بالنفع على مجالات كثيرة ومختلفة. التأثير الذي يطال مجالات أخرى لا نهائي، إذ يسهم في زيادة الخبرات ويفتح آفاقًا للعالمية، خاصة مع وجود كوادر خبيرة في مختلف العناصر السينمائية.