يدخل حلبة المصارعة، مرتديًا تنورة إسكتلندية، وحاملًا مزمار القربة، فيُقابل بصافرات استهجان من جميع الحضور، ذلك هو المصارع الراحل رودي تومبس، الذي اشتهر في عالم اللعبة، باسم "رودي بايبر"، والذي بالتأكيد يعرفه كل من عاصر المصارعة في فترتي السبعينيات والثمانينيات على وجه التحديد.social gfx/ Getty Imagesمحمود خالد
ما لم يدوّنه المصارع رودي بايبر في ملاحظاته .. دوري روشن يحتاج إلى "استفزاز" علي البليهي!
فقرات ومقالاتعلي البليهيالهلالدوري روشن السعوديما وجه التشابه بين علي البليهي وأسطورة المصارعة الراحل؟
يدخل حلبة المصارعة، مرتديًا تنورة إسكتلندية، وحاملًا مزمار القربة، فيُقابل بصافرات استهجان من جميع الحضور، ذلك هو المصارع الراحل رودي تومبس، الذي اشتهر في عالم اللعبة، باسم "رودي بايبر"، والذي بالتأكيد يعرفه كل من عاصر المصارعة في فترتي السبعينيات والثمانينيات على وجه التحديد.
لم يكن رودي بايبر مجرد مصارع، ولم تكمن شهرته في قوة عضلاته، أو ما يؤديه في مباريات المصارعة، بقدر براعته الفائقة في التحدث عبر الكاميرا، ورسم شخصية "الشرير" الذي نال كراهية الجمهور، في وقت كانت سيناريوهات اللعبة في الولايات المتحدة، تدور حول النزاع بين الطيب والشرير، قبل دخول عصر الـAttitude، الذي تجاوزت في منظمة WWF، كل المعايير والحدود، وصار النزاع بين الشرير والأكثر شرًا، كما حدث في سيناريو ستون كولد ضد رئيس المنظمة فينس ماكمان.
كنت أشاهد فيلمًا وثائقيًا عن هذا المصارع الذي رحل عن عالمنا في 2015، وعلى لسان عائلته، ومدربه السابق جين ليبيل، ورئيس اتحاد المصارع فينس ماكمان، كان بايبر، بارعًا في رسم دور الشر المطلق، وكان يحمل دفتر ملاحظاته، ليسجل فكرة طرأت على ذهنه، أو عبارة ينوي الإدلاء بها في مقابلة تليفزيونية، يزيد بها من استفزاز منافسيه، ويعمّق تلك الشخصية الكريهة، التي تسببت في قيام الجماهير بإلقاء الكراسي عليه، وتعرضه للطعن ثلاث مرات، كما ذكر نجله. كما ابتكر الاتحاد برنامج Piper Pit's، والذي كان يستضيف بايبر، المصارعين به، لتشهد لأول مرة، قيام المضيف بضرب ضيوفه.
الموضوع يُستكمل بالأسفلPIper’s Pit: Appointment television!pic.twitter.com/uqSIQ4bAGr
— Honest☘️Larry (@HonestLarry1)February 4, 2024ومع استعداد اتحاد المصارعة للظهور التاريخي الأول لمهرجان "ريسلمانيا" عام 1985، كان الخيار المثالي لمباراة الحدث الرئيس، للصراع بين الخير المطلق، المتمثّل في نجم الاتحاد الأول في ذلك الوقت، هالك هوجان، ومعه مستر تي، وجيمي سنوكا، ضد الشر المطلق المتمثّل في رودي بايبر، وكان معه مستر ووندرفول، وبوب أورتن.
السؤال هو، لماذا الحديث عن ذلك المصارع؟ وما علاقته بدوري روشن؟، الجواب، أن هناك وجه تشابه بين رودي بايبر، ومدافع الهلال، علي البليهي، في امتلاك مزية التأثير على الجمهور بعيدًا عن تقييم أدائه داخل الملعب، وإن كان الأخير بالطبع، أكثر التزامًا بعدم الخروج عن المعايير الأخلاقية.
في فترة ازدهار المنتخب السعودي مع المدير الفني الفرنسي هيرفي رينارد، خلال تصفيات كأس العالم، والتي تكللت بالفوز التاريخي للأخضر على الأرجنتين في الجولة الأولى من مونديال قطر بنتيجة (2-1)، لم يكن سالم الدوسري، صاحب هدف الانتصار التاريخي الذي سجله بطريقة رائعة، محور الحديث العالمي، فقط، ولكن أيضًا ذلك اللاعب السعودي الذي توجه إلى النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، وقام باستفزازه، مرددًا عبارة "لن تفوزوا علينا".
ومع قدوم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى نادي النصر، ليساهم في الميركاتو التاريخي الذي شهدته المملكة، في صيف 2023، بقدوم كريم بنزيما، وفيرمينو، ورياض محرز، وياسين بونو، وغيرهم من نجوم العالم، وبينما كان محور الحديث - بالطبع - سيدور حول أداء هؤلاء الأجانب، ظهر مجددًا ذلك اللاعب السعودي، الذيتمكن من استفزاز رونالدو ودفعه للطرد في كأس الدرعية للسوبر، كما نجح في إيقاع عبد الرزاق حمد الله، بفخ البطاقة الحمراء، في ربع نهائي دوري أبطال آسيا.
ولعل اللقطة الأبرز لعلي البليهي هيغرس علم الهلال في ملعب مرسول بارك، معقل مباريات النصر، الذي صار بعد ذلك "الأول بارك"، عقب فوز الهلال على غريمه بنتيجة (2-1)، في نصف نهائي دوري أبطال آسيا، والذي كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت ثورة الجماهير ضد مدافع الهلال، وقدم البليهي، خلالها، أوراق اعتماده بشخصية المثير للجدل، والقادر على استفزاز خصومه بحركات غير متوقعة.
وينبغي الاعتراف بأن البليهي نجح في ابتكار شخصية، قادرة على خطف الأضواء، وجذب انتباه الجمهور، بعيدًا عن أدائه مع الهلال، سواءً بنجاحه في إثارة استفزاز الخصوم أو احتفالاته الجدلية بأهدافه، التي ساهمت في ترقب الجماهير لظهور حركة جديدة أو تصرف مثير للجدل، خاصة وأن سر تميز البليهي هو قدرته على إيقاع الخصوم في فخ ارتكاب الخطأ الذي قد يكلّفهم بطاقة حمراء، مثلما حدث مع رونالدو وحمد الله،فيما كان عبد الله رديف، لاعب الاتفاق، آخر المنضمين إلى قائمة ضحايا استفزاز البليهي، خلال مباراة الفريقين هذا الموسم، بعدما قام رديف بدفعه من رقبته، ليسقط البليهي أرضًا، وينال رديف بطاقة حمراء.
وكان البليهي قد اعترف بأنه تعمد استفزاز كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، أثناء ظهوره في أحد برامج المقالب، حيث كان يخبر كليهما بأن أحدهما أفضل من الآخر، وهذا التصريح الذي لاقى صدًا عالميًا، وجعل صورة مدافع الهلال مع النجمين، محور التداول عبر صفحات ساخرة عالمية.
¿Enfrentar cara a cara a los mejores del mundo y GANARLES? Sí, no es para cualquiera... ¡y Ali Al-Bulaihi puede decir que lo logró!✅ Venció a Messi en#Qatar2022con la Selección de Arabia Saudita✅ Le ganó a CR7 el clásico con Al Hilal en la Liga de Arabiapic.twitter.com/SKOrh7zl82
— SportsCenter (@SC_ESPN)December 2, 2023المثير في الأمر، هذا الموسم، أنهعندما هدأ علي البليهي، قليلًا، بات الحكام يسألونه "ماذا بك؟"، كما صرّح اللاعب عقب مباراة التعاون في الجولة الثامنة من دوري روشن، وأثناء تواجد شقيقه خالد في لقاء الهلال والاتفاق بالجولة العاشرة، تلقى سؤالًا أيضًا عبر قناة "المايك مع عزيز"، بشأن سر هدوء أخيه، ليجيب ساخرًا "علي كبر وعقل، رغم أنها متأخرة".
وقدم خالد البليهي أيضًا لقطة تستحق الوقوف عندها، بقوله إنه يشجع الأهلي،وشقيقه علي يحترم فكرة أن الأهلي عنده خط أحمر، فلا يقوم مدافع الهلال بأي حركة ضده، وكأن علي البليهي يتعمد إظهار شخصية داخل الملعب، قد تكون مغايرة لما هي عليه خارج الملعب، على غرار نجوم المصارعة، الذين غالبًا ما تكون حياتهم العادية، مختلفة كثيرًا عن الشخصيات التي يظهرونها في حلبة المصارعة.
وهنا مربط الفرس، فإن البليهي، وإن لاقت حركاته انتقادات واسعة على مدار المواسم الأخيرة، ولكن ذلك لا يُمنع بأن مدافع الهلال قدم للدوري السعودي، قصة مثيرة لاقت صداها عالميًا، ونجح في جذب انتباه الجمهور بين كوكبة النجوم العالميين، ولأن القصص الجدلية تحظى بمكانة أيضًا لدى الجمهور العالمي، وكلما كان اللاعب "خارجًا عن المألوف"، بات محور اهتمام المتابعين في الداخل والخارج، فإنه يمكن القول إن دوري روشن بالفعل يحتاج إلى كاريزما "اللاعب المستفز لخصومه" التي يتمتع بها علي البليهي.
إعلان